11

لا تُزعجوا موسى بن ميمون

إلى جانب العقبات المألوفة التي تقف في طريق كلّ مُبدع وفي طريق كلّ إبداع، هناك عقبات معروفة بقدر أقلّ وأهمّها - حقيقة أنّ الناس يستغلون وقت المبدع لتعزيز أهدافهم. عرف موسى بن ميمون هذه العقبة جيّدًا وعمل كلّ ما في بوسعه للتغلّب عليها.

من بين آلاف نصوص الجنيزة، محفوظة عشرات الرسائل التي أرسلها موسى بن ميمون إلى المجتمعات والأفراد في جميع أنحاء العالم اليهوديّ. تتناول معظم المراسلات مواضيع في الشريعة اليهودية (وأحيانًا مواضيع طبّيّة وعلميّة)، والتي كان على موسى بن ميمون فيها إصدار حكمه التعبير عن رأيه. اعترافًا بمكانته استجاب موسى بن ميمون لهذه الطلبات – حتّى ولو كان ذلك باختصار غير مألوف.

نشهد في الرسالة من الجنيزة المرفقة طلبًا من نوع مختلف ردّ عليه موسى بن ميمون تقريبًا دائمًا بالنفي: في الرسالة التي أُرسلت إلى موسى بن ميمون طلب شخص ما يريد أن يتعمّق في دراسة الفلسفة أن يجد لنفسه مُرشدًا لائقًا. ويشير كاتب الرسالة إلى اهتمامه الكبير بـ 'دلالة الحائرين'، ويسأل المفكّر إذا كان سيوافق على الالتقاء به،أو بدلًا من ذلك - أن ينصحه بشخص آخر لمساعدته في فهم أجزاء مختلفة من "دلالة الحائرين" التي لم يفهمها بالقدر الكافي. بالإضافة إلى ذلك، يرغب الكاتب في نَيْل نصيحة بشأن نظام غذائيّ مناسب يساعده على الصمود خلال نشاطاته الفكريّة.

كان ردّ موسى بن ميمون الذي كُتب في ذيل الرسالة، ردّه الروتينيّ على طلبات من هذا النوع: بما أنّه مريض، أنهكه التعب، أنها لا يملك الوقت أو الطاقة اللازمة لمثل هذا اللقاء اللحظات الوحيدة التي يمكنه تكريسها لكاتب الرسالة ستكون في الكنيس يوم السبت. أمّا بالنسبة إلى التغذية فقد نصحه موسى بن ميمون بتناول اللوز والزبيب وعسل التمر.

الرسالة نفسها لا تحمل تاريخًا. من المغري التحديد وفق إجابات موسى بن ميمون أنّ هذا الردّ كُتب قُبيل وفاته، ولكن بما أنّ ردوده على المعنيّين كانت عبارة عن صيغة ثابتة – فمن الممكن أن يكون الردّ قد أُرسل سنوات عديدة قبل وفاته.

 

بالعودة إلى الخريطة

image